حق الدفاع عن النفس بين التشريع الدولي والتشريع اللبناني

حق الدفاع عن النفس بين التشريع الدولي والتشريع اللبناني

تعزيز وسائل الدفاع للردع يعزز فترة الاستقرار

يشهد العالم حاليا تحولات على مستوى موازين القوى بين الدول، وتسعى بعض الدول لترفع من نصيبها وتأثيرها في ظل هذه التحولات عبر تعزيز كافة أبعاد القوة في مختلف المجالات، وهذا ما يولد حروبا وصراعات تتعدل من خلالها حدود وتقضم فيها حقوق الدول والأفراد التي لا تمتلك ضمانات المحافظة عليها، وذلك لأننا نعيش في عالم لا تسوده "مثالية" العدالة بل تتحكم فيه "واقعية" القوة.

ولكن قبل الاذعان لما يسمى واقعية القوة فإن القانون الدولي الذي منع (نظريا) استخدام القوة في العلاقات الدولية، لم يستطع إلا أن يذكر أحد الحقوق الأساسية التي أجمعت عليها كل التشريعات وهو حق الدفاع عن النفس والأرض والمال ومنح الدول التي تتعرض لاعتداء على أرضها حقَّ الدفاع عن النفس ولم يساو بينها وبين المعتدي من الناحية القانونية!

وهذا ميثاق الأمم المتحدة ينص في المادة ٥١ منه : "ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص الحق الطبيعي للدول، فرادى أو جماعات، في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء "الأمم المتحدة"..."

وكما ذكرنا فإن حق الدفاع هو من حقوق الانسان الأساسية لذلك فالقوانين الوطنية لحظته في تشريعاتها ومنها قانون العقوبات اللبناني حيث كرّس المشترع اللبناني حق الدفاع المشروع في المادة 184 منه التي نصت على أنه: يعدّ ممارسة حق كل فعل قضت به ضرورة حالية لدفع تعرّض غير محقّ ولا مثار على النفس أو الملك أو نفس الغير أو ملكه، ويستوي في الحماية الشخص الطبيعي والشخص المعنوي... ويعتبر الدفاع المشروع حقًا موضوعيًا مطلقًا مقرّرًا لجميع الأفراد، يبيح لهم ارتكاب الجريمة استثناءً على الأصل العام الذي يمنعها، وذلك لدرء الأخطار التي تهدّدهم عند استحالة اللجوء إلى الأجهزة المختصة لاستيفاء الحق أو لمنع وقوع الضرر، وذلك تغليبًا لمصلحة المعتدى عليه على مصلحة المعتدي الذي أهدر حماية القانون وانتهك قواعده.

أضف الى ذلك أن فلسفة حق الدفاع المشروع سواء في القانون الدولي او في القانون الوطني تعزز استقرار المجتمعات من خلال تعزيز الوضعية القانونية  للمعتدى عليه أمام تغول المعتدي، وهذا النوع من القوة يعزز الردع ويمنع الفوضى لأن التسلح بالقوة بكافة أشكالها هو ما يعزز استقرار المجتمعات ويمنع الاضطراب أما التخلي عن وسائل القوة فهو عامل أساسي في استجلاب أطماع المعتدين وخلق الفوضى والاضطرابات.

من هنا وتطبيقا على الحالة اللبنانية فإنه وعلى امتداد أربعين عاما من ممارسة حق الدفاع من قبل المقاومة الشعبية بوجه الاعتداءات الصهيونية، فإن تعزيز وسائل الدفاع للردع هو ما كان يعزز فترة الاستقرار، أما عندما اهتزت وسائل الردع في ممارسة حق الدفاع فإن معزوفة قوة لبنان في ضعفه لم تمنع الاعتداءات الصهيونية المتكررة والخارقة لكل الاتفاقيات والقوانين الدولية وها هي الدولة تقف عاجزة عن حماية مواطنيها في ظل هجمات صهيونية يشنّها العدو يوميا بحرا وبرا وجوّا منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في 27 تشرين الثاني (نوفمبر) 2024.

 أما هذا الواقع فإن حق الدفاع المشروع عن النفس يتأكد اليوم أكثر فأكثر ولا يمكن لأحد أن يمس حقا أساسيا من حقوق الانسان أجمعت عليه روح الشرائع الوضعية والسماوية مهما كانت ضغوط وإكراهات المعتدي ومهما كان حجم الصمت الدولي. إن تعاظم حجم قوة المعتدي لن يهزم قوة حق الدفاع وعدم الاستسلام وبهذا سنبقي آخر سطر لم يمح في كتاب حكم دولة القانون لا دولة الغابة وهنا يكمن المدماك الاساسي للاستقرار وردع أطماع المعتدين.

يا فاطمة، أما ترضيني أن تكوني سيدة نساء المؤمنين،أو سيدة نساء هذه الأمّة’(الرسول الأكرم)
يقول تعالى: ﴿... وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾
الإمام الباقر عليه السَّلام: ’ لكل شيء ربيع، و ربيع القرآن شهر رمضان ’.
عن النبي صلى الله عليه وآله: ’التوبة حسنة لكنها في الشباب أحسن’

من نحن

موقع ديني ثقافي وفكري يعنى بقضايا المرأة والاسرة والمجتمع

تواصل معنا

يسرّنا تواصلكم معنا عبر الايميل alzaakiyaa@gmail.com