حقيقة الحج

حقيقة الحج

حقيقة الحج أنه سفرٌ إلى الله تعالى ووفادةٌ إليه.

 

لم يـأتِ الإسلام بالحج وزيارة بيت الله على أنها من الأفعال والأعمال الخاصة بالأمة الإسلامية، بل إن أساس هذا التشريع يعود إلى زمن حضرة آدم على نبينا وآله وعليه الصلاة والسلام، فإن الكعبة أول بيت وضع من أجل عبادة الله تعالى: ﴿ إِنَّ أَوَّلَ بَيۡتٖ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكٗا وَهُدٗى لِّلۡعَٰلَمِينَ ٩٦ فِيهِ ءَايَٰتُۢ بَيِّنَٰتٞ مَّقَامُ إِبۡرَٰهِيمَۖ وَمَن دَخَلَهُۥ كَانَ ءَامِنٗاۗ ﴾3.

والحج عبادةٌ تتّحد فيها عناصر كثيرة كالخضوع والتضرّع والزهد والتقوى وذكر الله والتضحية في سبيله، وإنفاق المال والانقطاع عن الشهوات وملذّات الدنيا لإظهار العبودية لله عز وجل في أنقى وأعمق حالاتها.

وحقيقة الحج أنه سفرٌ إلى الله تعالى ووفادةٌ إليه وقد ذكر الإمام الرضاعليه السلام هذا الأمر كأول خصوصية للحج وقال: "علّة الحج الوفادة إلى الله"4. فالسفر المعنوي إلى الله عزّ وجل هو الذي أدّى الى وجوب الحج. والهدف الأساسي لهذا السفر إثبات العبودية والتسليم لله تعالى، فعَنْ الإمام الصادق عليه السلام قال: "وهذا بيت استَعْبَد الله به خلقه ليختبر طاعتهم في إتيانه، فحثّهم على تعظيمه وزيارته وجعله محلّ أنبيائه وقبلة للمصلّين له، فهو شُعبةٌ من رضوانه وطريق يؤدّي إلى غفرانه، منصوب على استواء الكمال ومجمع العظمة والجلال خلقه الله قبل دحو الأرض بألفي عام فَأَحَقُّ من أُطِيعَ فيما أمر وانْتُهِيَ عمّا نهى عنه وزجر الله المُنْشِئُ للأرواح والصّور"5.

فالحج إذاً، هو سيرٌ وسلوكٌ معنويٌّ وهجرةٌ إلهية. وتتجلّى في هذا السفر العبودية لله بأجلى صورها وأبهاها، فكلّ شعيرة وكلّ منسك وكلّ حكم شرعي في هذا السفر هو ترجمة مباشرة لحقيقة العبودية وإعلان من العبد بخضوعه لربه ووضعه لنير المذلّة على عنقه والتصاغر أمام مالك الملوك وامتثاله له وحده ورفضه لكل ربٍّ أو معبودٍ دونه.

وقد ذكرنا مراراً أن من أهداف العبادات أن تترسّخ المعارف والأخلاق الإلهية في قلب الإنسان وأن يتجلّى التوحيد في قلبه ثم يسري منه إلى كامل وجوده الباطني والظاهري. وإذا دقّقنا في فريضة الحج نجد أن هذه الأهداف موجودة فيه بقوّة، فالحج يتمّ إلى بيت الله الحرام الكعبة المعظّمة، وهي مركز التوحيد والمركز الأوحد لتحطيم الأصنام، فقد رفع نبي الله إبراهيم الخليل عليه السلام نداء التوحيد من الكعبة في أول الزمان، وسيرفعه فيها في آخر الزمان الإمام المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف.

قال الله تعالى لخليله إبراهيم: ﴿ وَأَذِّن فِي ٱلنَّاسِ بِٱلۡحَجِّ يَأۡتُوكَ رِجَالٗا ﴾6.

وقال عزّ من قائل: ﴿ طَهِّرَا بَيۡتِيَ لِلطَّآئِفِينَ وَٱلۡعَٰكِفِينَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ ﴾7.

وهذا التطهير يكون من كلّ الأرجاس وعلى رأسها الشرك، وفي سورة التوبة نقرأ: ﴿ وَأَذَٰنٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦٓ إِلَى ٱلنَّاسِ يَوۡمَ ٱلۡحَجِّ ٱلۡأَكۡبَرِ أَنَّ ٱللَّهَ بَرِيٓءٞ مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ وَرَسُولُهُۥۚ ﴾8.

وقد بلغ موقع الحج في الإسلام أنه جُعل الميزان في حشر المسلم على دينه أو على غير دين، فعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "من لم يمنعه من الحجّ حاجة ظاهرة ولا مرض حابس ولا سلطَان جائر فمات ولم يحجّ فليمت إن شاء يهوديّاً أو نصرانيّاً"9.

المصدر: روح العبادة

هوامش:

3 سورة آل عمران، الآيتان 96-97.
4 الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج11، ص12.
5 م.ن، ص11.
6 سورة الحج، الآية 27.
7 سورة البقرة، الآية 125.
8 سورة التوبة، الآية 3.
9 الميرزا النوري، مستدرك الوسائل، ج8، ص19.
 

يا فاطمة، أما ترضيني أن تكوني سيدة نساء المؤمنين،أو سيدة نساء هذه الأمّة’(الرسول الأكرم)
يقول تعالى: ﴿... وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾
الإمام الباقر عليه السَّلام: ’ لكل شيء ربيع، و ربيع القرآن شهر رمضان ’.
عن النبي صلى الله عليه وآله: ’التوبة حسنة لكنها في الشباب أحسن’

من نحن

موقع ديني ثقافي وفكري يعنى بقضايا المرأة والاسرة والمجتمع

تواصل معنا

يسرّنا تواصلكم معنا عبر الايميل alzaakiyaa@gmail.com