التواضع ميزة المؤمنين

التواضع ميزة المؤمنين

’واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين’

إن التواضع من المزايا الكريمة التي تعنى التربية الإسلامية بغرسها في آفاق النفس، وهو أحد الأسباب المزيلة للتكبر والمبيدة لذاته، وهو يرفع الإنسان في الدنيا ويقربّه من الله تعالى. وتواترت الأخبار بالحث عليه، فقد أثر عن النبي (ص) أنه قال :"ما تواضع أحد لله إلا رفعه الله"1 . وقال (ص) لأصحابه :"ما لي لا أرى عليكم حلاوة العبادة؟". فانبروا قائلين: ما حلاوة العبادة؟، فقال (ص) :التواضع". وقال (ص) :"أربع لا يعطيهن الله إلا من يحبه: الصمت وهو أول العبادة، والتوكل على الله، والتواضع، والزهد في الدنيا".

وقد تجسد التواضع بما له من معنى في أئمة أهل البيت (ع) فقد أعطوا دروساً رائعة في ذلك. فقد روى المؤرخون أن رجلاً استضاف مع ابنه عند الإمام أمير المؤمنين (ع) فأكرمهما وقدم لهما خوانا من الطعام وبعد فراغهما انبرى(ع) فأخذ الإبريق ليصب الماء على يد الرجل، فامتنع من ذلك، فقال له :" إن الله يراني أخاك الذي لا يتميز منك، ولا يتفضل عنك، ويزيدني بذلك منزلة في الجنة". يريد بذلك في خدمته الجنة، ثم أقسم عليه بحقه أن يستجيب له، فانصاع الرجل، فصب الإمام على يده الماء، فلما فرغ ناول الإبريق إلى ولده محمد بن الحنفية، وأمره أن يصب الماء على يد ابن الرجل وقال له :"لو كان هذا الابن حضرني دون أبيه لصببت الماء على يده، ولكن الله يأبى أن يسوي بين الابن وأبيه". فقام محمد وصب الماء على يد الابن 2. ...

بهذه الروح العالية ساد الإسلام في تربيته وسما في تعاليمه وأخلاقه. وتحدث الإمام الصادق(ع) عن شرع التواضع، فقال :"التواضع أصل كل شرف نفيس، ومرتبة رفيعة، ولو كان التواضع لغة يفهمها الخلق لنطق عن حقائق في مخفيات العواقب، والتواضع ما يكون لله وفي الله. وما سواه فكبر، ومن تواضع لله شرفه الله على كثير من عباده، ولأهل التواضع سيماء يعرفها أهل السماوات من الملائكة وأهل الأرض من العارفين. قال الله عز وجل :"وبينهما حجاب وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم" 3.

وأصل التواضع من إجلال الله وهيبته وعظمته، وليس لله عز وجل عبادة يقبلها ويرضاها إلا وبابها التواضع، ولا يعرف ما في معنى حقيقة التواضع إلا المقربون من عباده المستقلين بوحدانيته. قال الله سبحانه :" وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما" 4. وقد أمر الله عز وجل خلقه وسيد بريته محمد (ص) بالتواضع فقال سبحانه "واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين" 5. والتواضع مزرعة الخضوع والخشوع ، والخشية والحياء وأنهن لا يأتين إلا منها وفيها، ولا يسلم الشرف التام الحقيقي إلا للتواضع في ذات الله تعالى. وألمّ حديث الإمام(ع) بواقع التواضع الذي يثاب عليه عند الله، ويستحق به الأجر، وذلك فيما إذا تجرد عن جميع النزعات المادية، وقصد به وجه الله تعالى خالصا من كل شيء.

الهوامش:

1: الكافي :2/ 122، الحديث 3، مثله، فيض القدير في شرح الجامع الصغير :6/ 141

2 : المناقب: 1/ 373

3 : سورة الأعراف 7: 46؛ وبحار الأنوار : 75/ 121، الحديث 12، باختلاف

4 : الفرقان: 25: 63 5: الشعراء26: 215 :

المصدر: عن كتاب "النظام التربوي في الإسلام"؛ باقر شريف القرشي، مكتبة الإمام الحين في النجف الأشرف.

يا فاطمة، أما ترضيني أن تكوني سيدة نساء المؤمنين،أو سيدة نساء هذه الأمّة’(الرسول الأكرم)
يقول تعالى: ﴿... وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾
الإمام الباقر عليه السَّلام: ’ لكل شيء ربيع، و ربيع القرآن شهر رمضان ’.
عن النبي صلى الله عليه وآله: ’التوبة حسنة لكنها في الشباب أحسن’

من نحن

موقع ديني ثقافي وفكري يعنى بقضايا المرأة والاسرة والمجتمع

تواصل معنا

يسرّنا تواصلكم معنا عبر الايميل alzaakiyaa@gmail.com