المعاني والمضامين العالية للمناجاة الشعبانية

المعاني والمضامين العالية للمناجاة الشعبانية

كان أولياء الله وأئمة الهدى(ع) يدأبون على المناجاة الشعبانية

أعزائي! إنّ شهر رمضان على الأبواب، وبعد أيام قلائل سيجلس المؤمنون ـ من لهم الجدارة لذلك ـ على مائدة الضيافة الإلهية؛ والصيام بحد ذاته, والتوجّه إلى الله تعالى والأذكار والأدعية التي غالباً ما تستهوي الأفئدة وتجتذبها في هذا الشهر جزء من الضيافة الإلهية، فاغتنموا هذه المائدة بأقصى مداها وأعدّوا أنفسكم؛ فشهرا رجب وشعبان شهرا تأهّب قلب الإنسان لدخول شهر رمضان؛ ولم يبق من شهر شعبان إلاّ أيام معدودات،

فيا أعزائي! ويا أبنائي! أيها الشباب الأعزاء! اغتنموا هذه الأيام القلائل؛ سلوا الله تعالى، ويمّموا قلوبكم النقية نحوه وكلّموه؛ وليس من لغة خاصة للحديث مع الله جل وعلا، غير أنّ أئمتنا المعصومين ـ الذين ارتقوا مراتب القرب إلى الله واحدة تلو الاُخرى ـ قد كلّموا الله بألسنة متميّزة وعلّمونا سبيل التكلّم مع الله سبحانه؛ فهذه المناجاة الشعبانية والأدعية الواردة في شهري رجب وشعبان بمضامينها الراقية؛ وهذه المعارف الرقيقة والنورانية والتعابير الرائعة الإعجازية، هذه كلها وسيلة لنا لغرض الدعاء.

25 شعبان 1422هـ ـ كاشان

* إننا نتعرّض للصدأ والتلف, فقلوبنا و أرواحنا يعتريها الصدأ بشكل مستمر أثناء مواجهتنا لوقائع الحياة اليومية, ولا بدّ من وضع هذا الصدأ في الحسبان وتلافيه بالطرق الصحيحة؛ وإلاّ لتعرّض الإنسان للفناء, فلربما يكون الإنسان قوياً شديداً من الناحية المادية والظاهرية لكنه سيفنى معنوياً إن لم يضع التبديل عن هذا التلف في الحسبان. يقول القران الكريم: ﴿إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة﴾ [1]،

فقولهم ﴿ربنا الله﴾ يعني الإقرار بالعبودية لله والتسليم له؛ وهذا أمر في غاية العظمة؛ لكنه ليس كافياً, فحينما نقول (ربُّنا الله) إنما ذلك حسن جداً لذلك الأوان الذي نطلقها فيه, لكننا إذا نسيناها فإن (ربّنا الله) الذي أطلقنا اليوم لن تجدينا نفعاً في الغد, لذلك فهو يقول ﴿ثم استقاموا﴾، أي يستقيمون ويثبتون ويمضون على هذا الطريق.

وهذا مما يؤدي إلى أن "تتنزل عليهم الملائكة" وإلاّ لا تتنزل عليهم ملائكة الله إن غطُّو في سباتٍ لحظة أو آناً واحداً, ولا يدرك الإنسان نور الهداية ولا تمتد نحوه يد العون الإلهي, ولا يبلغ الإنسان مقام العباد الصالحين؛ فلابدّ من مواصلة هذا الدرب والمضي في ﴿ثم استقاموا﴾ وإذا ما أردتم أن تتحقق هذه الاستقامة فعليكم الحذر دائماً من أن يهبط ميزان المعنوية هذا عن مستواه المطلوب.

إنّ هذه الأشهر فرصة لإعادة النظر, ولقد كان أولياء الله وأئمة الهدى(ع) يدأبون على المناجاة الشعبانية. وإنني سألتُ إمامنا العظيم ذات مرة: أيَّاً من الأدعية ترجّح؟ فذكر منها اثنين: أحدهما المناجاة الشعبانية والآخر دعاء كميل. فهذان الدعاءان يحتويان على مضامين راقية, وهذه الأدعية ليس من شأنها القراءة فقط, أي ليس أن يملأ الإنسان الأجواء بصوته ويتفوّه بهذه الكلمات فقط.

فهذه حالة قشرية ليس لها شأن يذكر؛ بل لابدّ أن تتناغم هذه المفاهيم مع الفؤاد ويدخل القلب رحابها. وإنّ هذه المفاهيم الراقية والمضامين البهية بألفاظها الرائعة إنما الغاية منها أن تستقر في فؤاد الإنسان "إلهي هب لي كمال الإنقطاع إليك. وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك "أي اللهم اجعلني دائم الاتصال والارتباط بك وأدخلني في حريم عزّك وشأنك وأنر بصيرة فؤادي بحيث تقوى على النظر إليك "حتى تخرق أبصار القلوب حجب النور" فيقدر بصري على اختراق كافة الحجب النوارنية ويجتازها حتى يصل إليك ليراك ويدعوك.

إنّ بعض الحجب حجب ظلمانية, فالحجب التي نتكبّل بها نحن ونقع في أسرها وتتشبّث بها ـ حجاب الشهرة، حجاب البطن، حجاب الحسد, وحجاب التمنّيات ـ إنما هي حجب ظلمانية وحيوانية, بَيْدَ أنّ ثمة حجب أخرى تعترض الذين يتخلّصون من هذه الحجب وهي الحجب النورانية, فانظروا كم هو سام وراق العبور من هذه الحجب بالنسبة للإنسان, فأيما شعب اُنس هذه المفاهيم وأورد فؤاده هذا الرحاب و ساوق مسيرته وفق هذا الميزان سيمضي قُدُماً وتتصاغر أمام عينيه الجبال, وخلال برهة تاريخية تبلورت لدى شبعنا مثل هذه الحالة فولّدت الثورة الإسلامية،

فلا تتصوّروا أنّ هذه الثورة كانت متوقّعة, كلا, فهي لم تكن كذلك, وكانت على قدر من العظمة, فلم يكن متصوّراً أن يستطيع شعب وبأيدٍ عزلاء القضاء على نظام متعفّن فاسد لكنه مدعوم بشكل كامل من قِبَل القوى الدولية الظالمة, ويمارس الحكم بأقصى الأساليب الاستبدادية وليس بمقدور أحد أن ينبس ببنت شفة, ويبدله بما يعتقد ويؤمن به ـ أي الإسلام ـ فلم يكن ليخطر ببال أكثر الناس ـ تفاؤلاً ـ إمكانية مثل هذا الأمر، بَيْدَ أنّ شعبنا أنجز هذه المهمة, فلقد شحنت المبادئ المعنوية والأخلاقية والقيم الكبرى هذا الشعب بقوة لم يستطع معها أي ضغط أو إملاء أو تهديد أو حادث مدبّر أن يثنيه وسط طريقه ويوقفه؛

لذلك فقد سار حتى النهاية. إنّ لدينا ثروة كبيرة، من قبيل دعاء أبي حمزة الذي استشهد به سماحة الشيخ مشكيني، ودعاء الإمام الحسين عليه السلام في يوم عرفة، وهذه الأدعية يقرؤها شبابنا دون أن يدركوا معانيها ( إلهي هب لي قلباً يدنيه منك شوقه)،

فما أكثر الأدعية الموجودة عندنا والتي تحمل مثل هذه المعاني السامية والمضامين العالية والعميقة كالمناجات الشعبانية والصحيفة السجادية، فعلينا أن نبيّن هذه الأدعية لشبابنا؛ كي يقرؤوها بإمعانٍ وتدبّر واستيعاب. 

يا فاطمة، أما ترضيني أن تكوني سيدة نساء المؤمنين،أو سيدة نساء هذه الأمّة’(الرسول الأكرم)
يقول تعالى: ﴿... وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾
الإمام الباقر عليه السَّلام: ’ لكل شيء ربيع، و ربيع القرآن شهر رمضان ’.
عن النبي صلى الله عليه وآله: ’التوبة حسنة لكنها في الشباب أحسن’

من نحن

موقع ديني ثقافي وفكري يعنى بقضايا المرأة والاسرة والمجتمع

تواصل معنا

يسرّنا تواصلكم معنا عبر الايميل alzaakiyaa@gmail.com