الدعاء

الدعاء

حبّها إليَّ دعاءان, هما دعاء كميل, والمناجات الشعبانية

كلام لسماحة الإمام الخامنئي دام ظله

 

* هناك قصص متنوعة عن عبادة أمير المؤمنين مثل قصة نوف البكالي, وهذه الصحيفة العلوية التي جمعها أكابر العلماء تعكس الأدعية المأثورة عن أمير المؤمنين, وأحدها هو دعاء كميل الذي تقرأونه ليالي الجمعة.

في أحد الأيام سألت إمامنا الراحل: أي دعاء من الأدعية الموجودة أحبّ إليك ؟ تأمل قليلاً وقال: أحبّها إليَّ دعاءان, هما دعاء كميل, والمناجات الشعبانية, ويحتمل أنّ المناجاة الشعبانية لأمير المؤمنين(ع)؛ لأنّ هناك رواية تشير إلى أنّ جميع الأئمة قرأوا هذه المناجاة. وهذا ما جعلني أحتمل بقوة أنها لأمير المؤمنين؛ لأنّ كلماتها ومضامينها تشبه كلمات ومضامين دعاء كميل. ودعاء كميل دعاء عظيم, يبدأ بالاستغفار,

ويقسم على اللّه بعشرة أشياء منها: «اللّهم اني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء»، ويسأله غفران خمسة ذنوب: «اللّهم اغفر لي الذنوب التي تهتك العصم، اللّهم اغفر لي الذنوب التي تنزل النقم، اللّهم اغفر لي الذنوب التي تحبس الدعاء و....الخ».

أي أنه يستغفر من أول الدعاء حتى آخره،وهذه هي السمة الأساسية في دعاء كميل. اعلموا يا أعزائي, إنّ أشرف الناس وأكثرهم تكاملاً هو القادر على السير في سبيل اللّه ونيل رضاه، وأن لا تستعبده الشهوات, وهكذا يكون الإنسان الكامل. أما الإنسان المادي المنقاد لشهوته وغضبه وأهوائه النفسية ونزواته فهو إنسان تافه, حتى وإن كان في الظاهر كبيراً ويحتل منصباً ما. وحتى رئيس أكبر دولة في العالم, ومن يملك أكبر ثروات العالم إذا كان عاجزاً عن مجابهة نوازعه النفسية إنما هو شخص دنيء.

أما الفقير القادر على كبح رغباته والسير على الصراط السوي ـ وهو طريق اللّه وطريق التكامل ـ فهو إنسان كبير حقاً. الاستغفار يستنقذ الإنسان من حضيض الحقارة، ويحرره من القيود والأغلال، ويطهر القلب ويزيل عنه الكدورة, والقلب هنا بمعنى روح الإنسان ونفسه وذاته الحقيقية. لكل إنسان نور، وحتى الإنسان الذي لا يعرف اللّه ولا صلة له به، له في ذاته وجوهره نور، غاية ما في الأمر أنّ الصدأ يتراكم عليه نتيجة للجهل وكثرة الذنوب, والاستغفار يجلو عنه الصدأ. شهر رمضان موسم الاستغفار والدعاء والإنابة, مرّت ليلتان من الليالي المحتمل أن تكون فيها ليلة القدر، وهما ليلة التاسع عشر وليلة الواحد والعشرين, ولا زالت ليلة الثالث والعشرين على الأعتاب،

فاحسبوا أنها هي ليلة القدر, وتعاملوا معها كذلك, وإنها منذ غروب الشمس ﴿سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾[11], وفي هذه الساعات تتنزل الرحمة الإلهية على الكون بأجمعه, يالها من ليلة ثمينة، وكم يستطيع ألف شهر في حياة الإنسان أن يستنزل له الخير والرحمة.

عدّوها ليلة القدر وتوجهوا فيها بالدعاء والتفكر في آيات اللّه وفي مصير الإنسان، وفي ما أمر به اللّه، وفي تفاهة هذه الحياة المادية، وأنّ كل ما نراه في هذا العالم انما هو مقدمة لذلك العالم, الذي تعتبر لحظة الاحتضار مدخلاً إليه. يا أعزائي، إننا في لحظة الاحتضار نَرِد عالماً آخر، وينبغي لنا إعداد أنفسنا لذلك اليوم. فهذه الدنيا وما فيها من ثروات وما مَنَّ اللّه به علينا من طاقات، وكل ما أراده اللّه لبني الإنسان من حكومة عادلة وحياة زاخرة بالرفاه، وما شابه ذلك، فهي لأجل أن يُعدّ الإنسان ذاته للنشأة الآخرة، فاستعدوا لذلك اليوم واذكروا اللّه واستغفروه.

ومن الطبيعي أنّ الإنسان الذي يتوجّه إلى ربّه بهذه الصورة, ويطهر قلبه, ويعرض عن المعاصي, ويعقد العزم على فعل الخير هو إنسان عظيم, وقادر على مجابهة المعضلات في هذا العالم. ومثال ذلك هو إمامنا الكبير, والمثال الآخر هم المؤمنون من أبناء هذا الشعب, من الشبان المخلصين، ومن الشهداء والمعوقين، ومن الذين تحمّلوا السجن في فترة الأُسر، ومن الذين تحمّلوا فراق أعزّتهم،

ومن الذين تحمّلوا مصاعب ساحات الحرب, من الذين تشيّعون اليوم ألفاً منهم , كل واحد من هؤلاء مثال رفيع، وخليق بكل شعب لديه شخص واحد من هؤلاء الشهداء أن يكرمه ويمجّده ويجعله مثالاً يُحتذى به. اُشير هنا باقتضاب إلى ذكرى يوم الواحد والعشرين من شهر رمضان عام أربعين للهجرة، وهو يوم استشهاد أمير المؤمنين(ع)، فكيف كان وضع الكوفة في مثل هذا اليوم.

أنتم تتذكرون تلك اللحظة التي عَلِمَ فيها أهالي طهران برحيل الإمام الخميني, ورأيتم كيف كان البكاء وكيف خَيّم الحزن على القلوب، مع فارق أنّ الإمام كان مريضاً لمدة من الزمن, وكان البعض يخشى نزول المكروه.

21 رمضان 1417 ﻫ / جامعة طهران ــــــــــــــــــــ

[1] صورة فصلت، الآية: 30.

[2] مستدرك الوسائل: ج5، ص318. [

3] سورة هود: الآية 3.

[4] بحار الأنوار: ج90، ص284.

[5] سورة المائدة: الآية 105.

[6] سورة التوبة: الآية 118.

[7]. بحار الأنوار: ج90، ص300.

[8]. بحار الأنوار: ج4، ص203.

[9]. المصدر السابق.

[10]. بحار الأنوار: ج95، ص83.

[11] سورة القدر، الآية:5. 

يا فاطمة، أما ترضيني أن تكوني سيدة نساء المؤمنين،أو سيدة نساء هذه الأمّة’(الرسول الأكرم)
يقول تعالى: ﴿... وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾
الإمام الباقر عليه السَّلام: ’ لكل شيء ربيع، و ربيع القرآن شهر رمضان ’.
عن النبي صلى الله عليه وآله: ’التوبة حسنة لكنها في الشباب أحسن’

من نحن

موقع ديني ثقافي وفكري يعنى بقضايا المرأة والاسرة والمجتمع

تواصل معنا

يسرّنا تواصلكم معنا عبر الايميل alzaakiyaa@gmail.com