ما يحكى عن الشيخ راغب في جبشيت خزان من الذكريات تستحق التأمل في كل محطة من المحطات فهو الذي زرع الروح المقاومة في النفوس كاسراً جدار الخوف من عدو مغتصب جبان، معلناً بأن الجهاد والوقوف بوجه هذا العدو هو السبيل ليعم الأمن والأمان ويعود الحق الى صاحبه، ولا ضير ان كانت الشهادة هي الختام "فدم الشهيد اذا سقط فبيد الله يسقط واذا سقط بيد الله فانه ينمو".
محمد فحص شاب كان في الحادية عشرة من العمر حين استشهد الشيخ راغب ذكر ان الشيخ حين اعتقل عاشت جبشيت يوم قيامة مصغر فالناس لم تأبه بالبيت والولد والنفس، فالمطلوب اطلاق سراح امام بلدتهم ولذلك اعتصموا في الحسينية سبعة عشر يوما بعد ان تحول الاعتصام الى تضامن شعبي مع الشيخ راغب من القرى المجاورة وصولا الى العاصمة بيروت.
لا يمكن ان ينسى محمد كما هو حال ابناء جيله تلك اللحظات والايام كما لا يمكن نسيان ذلك القائد ابن بلدته الذي تعلم منه الكثير وهو ما زال يشعر الى اليوم بأنه مسؤول ومؤتمن على رسالة شيخ الشهداء في سلوكياته اليومية وفي تعامله مع الصغار والكبار ونظرته الى قضايا وطنه والامة.
لا يمكن التجوال في جبشيت دون المرور على الوالدة التي انجبت ذاك العاملي الفذ. ام راغب التي لا تمل من سماع شريط الكاسيت الذي يتضمن خطبة للشيخ يتحدث فيها عن الامان الذي نفتقده بوجود المحتل فما نفع ان نملك مفاتيح بيوت يقدر العدو ان يعبث بها ساعة يشاء.... تستمع اليه وتقول:"اسمعي هالصوت الحلو"، تردد وراءه فهي قد حفظت ما يقول عن ظهر قلب.
تلك الأم التي تختزن من البأس الزينبي والشجاعة العاملية ما جعلها تتحمل فراق شابين آخرين تحدثت عن زهد ابنها راغب بالحياة التي لم تغريه ابدا فقد كان يتطلع الى عالم آخر وقد ذكرت انه تبرع ذات مرة بخزانته لأحد الاشخاص واكتفى بحبل لوضع ثيابه... كانت تراه قائداً منذ الصغر واليوم هو المعلم لاجيال اتت وأجيال ستأتي. باختصار الشيخ هو جبشيت وجبشيت هي الشيخ ولا عجب ان اصبح اسم راغب هو الاكثر تسمية في البلدة التي تحتضن اليوم اربعين راغباً وعلى خطى الشهادة قدمت هذه البلدة مئة واربعين شهيداً حتى اليوم.