اثار عمل المرأة خارج المنزل

اثار عمل المرأة خارج المنزل

الإرهاق النفسي والجسدي الذي يصيب المرأة العاملة

 

هاسنتناول الموضوع بعيداً عن الخصائص الشخصية التي تدفع المرأة للعمل، فيمكن تقسيم أعمال المرأة خارج المنزل إلى قسمين:

1. أعمال تحتاج إلى المرأة بالخصوص: كالطب ببعض فروعه أو المستهدفين فيه، والتعليم ضمن إطار المراحل أو الأقسام، فمثل هذه المرافق ينبغي للأمة أن تهيّئ لها طائفة من النساء تسدّ حاجة المجتمع وتقوم بمتطلباته، وهنا الواجب الكفائي يفرض تصدي مجموعة من النساء لممارسة العمل في هذه الموارد بما يتحقق فيه الاكتفاء وسدّ النقص.

2. أعمال يمكن أن يقوم بها الرجال، ولا تتوقف على النساء: كالزراعة والصناعة والتجارة، فهذه الأعمال يجوز أن تزاولها المرأة حسب ضرورتها ومقدرتها وإمكانيتها، ولكن بشروط سيأتي ذكرها لاحقاً.

الآثار الإيجابي:

بعيداً عن الأساليب الخطابية لتبرير عمل المرأة أو رفضه، ممّا لاشك فيه أنّ عمل المرأة بشكل عام والمتزوّجة بشكل خاص يترتب عليه مجموعة من الإيجابيات ومجموعة من السلبيات، إذا تمّ تسليط الضوء عليها بتجرد وبعيداً عن الموقف الارتجالي المسبق، فيمكن لنا وضع ضوابط وشروط للحد من السلبيات وتعزيز الايجابيات. أما الإيجابيات فأبرزها:

1- الانسان بشكل عام يمتلك طاقات عظيمة وإمكانات هائلة، والمرأة لا تشذّ عن هذا الأصل، فيمكن لهذه الطاقات أن تسهم في تعزيز مكانة المجتمع وبنائه وسدّ الكثير من الحاجات الضرورية فيه.

2- على مستوى الاسرة يمكن لعمل المرأة أن يساهم في توفير متطلبات وحاجات الأسرة والأولاد وتحسين الاوضاع المعيشية لها، وإن لم يكن من تكليفها بالأساس القيام بذلك، فالتعاون والايثار والتضحية من الجميع يزيد من الشعور بالمودّة ومن التماسك في الأسرة بلا شكّ، والمبادرة الى العمل يشكل نوعاً من الاحساس بالمسؤوليّة.

3- عمل المرأة يوسّع آفاقها الذهنية، وينمّي مقوّمات شخصيّتها، وفيه معالجة لمشكلة وقت الفراغ لديها، وهو وقت يمكن أن يهدر أو يستثمر في القيل والقال والعبث وما يضرّ ولا ينفع، فاستثماره بما فيه فائدة أولى. هذه الايجابيات وغيرها ممّا يمكن تصوره تبقى في الاطار الكلي إذا لم يعارضها سلبيّات أهمّ وأكبر، وإذا روعي في العمل كل الشروط والضوابط التي تحمي المرأة وتحافظ على دورها الأساس في الأسرة.

الآثار السلبية:

قد يترتب مجموعة من السلبيات على عمل المرأة خاصة إذا لم تراعى الضوابط ولم يتمّ اختيار العمل المناسب والظروف الملائمة وتمّت التضحية بالواجبات الأهم بسبب العمل:

1- التأثير السلبي للعمل على العلاقة الزوجية واستقرارها. قد يؤدي عمل المرأة، خاصة إذا استهلك جلّ طاقتها ووقتها، الى الإخلال بالدور المطلوب في العلاقة الزوجية، فاذا انعكس العمل على الوضع النفسي للمرأة ولم تعد قادرة على توفير السكينة وأسباب المودة يوماً بعد آخر سيؤدي الى فتور العلاقة العاطفية وفقدان فلسفة الحياة الزوجية ومبرراتها، وهذا ما يفسر ارتفاع معدلات الطلاق في الأسر التي تعمل فيها المرأة. وما يزيد الطين بلة فقدان الفهم الصحيح لمعنى العلاقة الزوجية بحيث يشعر الزوج بعدم قدرة زوجته على تلبية حاجاته من جهة وتشعر الزوجة بعدم حاجتها للزوج فهي منتجة ولها دخلها ويمكن أن تستقل. وكأن الدافع الى الزواج عند النساء هو الحاجة الى المعيل مع أن المسألة ليست كذلك حتماً.

2- التأثير السلبي للعمل على الأطفال وتربيتهم وإشباع حاجاتهم العاطفية. قدّمنا الحديث عن المسؤولية المشتركة تجاه الأطفال والتي لاتنحصر قطعاً بتحضير الطعام والشراب وتنظيف الملابس التي يمكن أن يستعاض عن الزوجة في القيام به بأي شكل من الأشكال، انما الأمر يرتبط بالتواجد القريب واشباع الحاجة الى العطف والحنان والشعور بدفء المحبة والأمان واستثمار ذلك كله في التوجيه والتربية وبناء الشخصيّة المتوازنة السليمة، هذا الدور لايمكن أن يقوم به لا الخادمة ولا الحاضنة، هو دور حصريّ يرتبط بالأم، لأنه يتطلب صدق المشاعر وهي عند الأم حصراً. الأهم من تحضير الطعام أن يجد الطفل أمّه الى جانبه عند تناول الطعام فيغمس اللقمة بنظرات الحب والعطف فيجد فيها طعماً آخر، ولذّة أخرى لا يدانيها لذّة.

3- التأثير السلبي للعمل على المجتمع والتوازن فيه. هذا الجانب لا يمكن تناوله من جميع جوانبه هنا لأنّ الاختصار فيه مخلّ حتماً. لكن من باب الاشارة فقط يمكن القول أنّ الدولة مسؤولة عن التخطيط للموارد الاقتصاديّة وتوجيه الطاقات بما يضمن الدخل المناسب لكلّ فرد، قد يكون بالأساس اضطرار المرأة لمزاولة العديد من الأعمال ناشئاً من سوء التخطيط العام ومن الخلل في توزيع الثروات والفرص. في ظلّ النظام غير المتوازن وغير المثالي قد يشكّل نزول المرأة الى العمل ومنافسة الرجال في العديد من مجالات العمل عاملاً مباشراً في الحد من فرص العمل وزيادة البطالة وانخفاض الأجور. طبعاً ليس لوحده لكن بانضمام عوامل أخرى.

4- التأثير السلبي للعمل على المرأة العاملة نفسها. الإرهاق النفسي والجسدي الذي يصيب المرأة العاملة وفي ظروف العمل الطويل وفي أعمال تتطلب جهداً جسدياً ربما انعكس على المرأة سلباً فيعجّل الشيخوخة ويعرضها للاصابة بالامراض المقعدة في وقت مبكر. وقد ورد عن أمير المؤمنين قوله: "فَإِنَّ الْمَرْأَةَ رَيْحَانَةٌ وَلَيْسَتْ بِقَهْرَمَانَة".

من مقال لسماحة الشيخ مصطفى قصير مدير عام المؤسسة الاسلامية للتربية والتعليم (رحمه الله)

يا فاطمة، أما ترضيني أن تكوني سيدة نساء المؤمنين،أو سيدة نساء هذه الأمّة’(الرسول الأكرم)
يقول تعالى: ﴿... وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾
الإمام الباقر عليه السَّلام: ’ لكل شيء ربيع، و ربيع القرآن شهر رمضان ’.
عن النبي صلى الله عليه وآله: ’التوبة حسنة لكنها في الشباب أحسن’

من نحن

موقع ديني ثقافي وفكري يعنى بقضايا المرأة والاسرة والمجتمع

تواصل معنا

يسرّنا تواصلكم معنا عبر الايميل alzaakiyaa@gmail.com