زواج النورين

زواج النورين

( لو لم يُخلق عليٌّ لم يكن لفاطمة كفوٌ )

فاطمة ( عليها السلام ) زوجة أمير المؤمنين علي ( عليه السلام )

( لو لم يُخلق عليٌّ لم يكن لفاطمة كفوٌ ) (1).

الزواج الذي عُقد في ملكوت السموات كمالات فاطمة الرفيعة من ناحية، وكونها بنت رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) من ناحية أخرى، شرف نسبها من ناحية ثالثة، كان سبباً في سعي الكثير من كبار أصحاب الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) لخطبتها، إلاّ أنّ الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) رفض تزويجها، وغالباً ما يكرّر قوله :( أمرها إلى ربِّها ! ) الأعجب من ذلك خطبة ( عبد الرحمن بن عوف )، ذلك الرجل الثري الذي كان ينظر إلى الأمور من زاوية مادية، على ضوء التقاليد والأعراف الجاهلية، فكان يعتقد بأنّ المهر الغالي دليل على عِظم موقع المرأة ومكانتها. فعن أنس بن مالك قال : ورد عبد الرحمن بن عوف الزهري، وعثمان بن عفان إلى النبي ( صلّى الله عليه وآله )، فقال له عبد الرحمن يا رسول الله، تزوّجني فاطمة ابنتك، وقد بذلت لها من الصداق مِئة ناقة سوداء زرق الأعين، كلها قباطي مصر، وعشرة آلاف دينار ـ ولم يكن من أصحاب رسول الله أيسر من عبد الرحمن وعثمان ـ وقال عثمان : وأنا أبذل ذلك، وأنا أَقدم من عبد الرحمن إسلاماً. فغضب النبي ( صلّى الله عليه وآله ) من مقالتهما، فتناول كفاً من الحصى فحصب به عبد الرحمن وقال له : ( إنّك تهوّل عليّ بمالك ؟ ) فتحوّل الحصى دراً، فقوّمت درّة من تلك الدرر 

ــــــــــــــــــــــ

1. كنوز الحقائق، ص124.

فإذا هي تفي بكلِّ ما يملكه عبد الرحمن (1). بلى... يجب أن تُشخّص وتُطبّق المُثل الإسلامية في زواج فاطمة ( عليها السلام )، ويتعرّف المجتمع الإسلامي على القيم والمعايير الإسلامية السامية، وتُسحق السُنن البالية من عهد الجاهلية. وبينما كان حديث زواج فاطمة يدور على ألسن أهل المدينة، إذ ذيع فجأةً أنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) لن يزوّجها من غير علي بن أبي طالب ( عليه السلام ). علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) الذي خلت يده من المال، ومن كلِّ ثروة دنيوية، ولم يكن يتحلى بأيٍّ من الميزات التي تُقيم لها الجاهلية وزناً، لكنّه كان يتمتع بإيمان وقيم إسلامية أصلية، تملأ كيانه من مفرق رأسه إلى أخمص قدميه. وعندما تحقّق القوم علموا أنَّ وحياً سماوياً قد أمر الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) بعقد هذا الزواج التاريخي المبارك، إضافةً إلى أنّه ( صلّى الله عليه وآله ) قال : ( أتاني مَلَك فقال : يا محمد، إنّ الله يقرؤك السلام، ويقول لك : إنّي قد زوّجت فاطمة ابنتك من عليٍّ ابن أبى طالب في الملأ الأعلى، فزوّجها منه في الأرض ) (2). عندما دخل أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) على رسول الله ( صلّى الله عليه وآله )، وقد أخذ الحياء منه مأخذه، جلس بين يديه ( عليه السلام ) ولم يستطع التكلّم ؛ لجلالة وهيبة صاحب الرسالة ( عليه السلام ) فقال له ( عليه السلام ) : ما جاء بك ؟ ألك حاجة ؟ فسكت أمير المؤمنين ( عليه السلام )، فقال ( عليه السلام ) : لعلك جئت تخطب فاطمة ؟ فقال علي ( عليه السلام ) : نعم، فقال الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) : يا علي ! لقد سبقك آخرون خطبتها مني، وإنّي كلما عرضت الأمر عليها لم تظهر موافقتها، دعني أحدّثها في شأنك. صحيح أنّ هذا الزواج قد عُقد في السماء ويجب أن يتم، إلاّ أنّ احترام حرية المرأة في اختيار زوجها عموماً، وشخصية فاطمة ( عليها السلام ) خصوصاً تُحتّم على الرسول ( صلّى الله عليه وآله )، أن يتشاور مع فاطمة ( عليها السلام ) في هذا الأمر قبل البتّ فيه. بعدها ذهب النبّي ( صلّى الله عليه وآله ) لفاطمة ( عليها السلام ) وقال لها : إنّ علي بن أبي طالب ممّن قد عرفتِ قرابته وفضله في الإسلام، وإنّي سألت ربّي أن يزوّجك خير خلقه وأحبهم إليه، وقد ذكر من أمرك شيئاً، فما ترين ؟ فسكتت، فخرج رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) وهو يقول : الله أكبر ! سكوتها إقرارها بعدها تمّ عقد القران بواسطة الرسول ( صلّى الله عليه وآله ).

ــــــــــــــــــــــ

1ـ تذكرة الخواص، ص306، استخرجتها من كتاب ( فاطمة الزهراء بهجة وقلب المصطفى ) ص462. 2ـ ذخائر العقبى، ص31.

المصدر: من كتاب الزهراء سيدة نساء العالمين (ع)، الشيخ ناصر مكارم الشيرازي

يا فاطمة، أما ترضيني أن تكوني سيدة نساء المؤمنين،أو سيدة نساء هذه الأمّة’(الرسول الأكرم)
يقول تعالى: ﴿... وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾
الإمام الباقر عليه السَّلام: ’ لكل شيء ربيع، و ربيع القرآن شهر رمضان ’.
عن النبي صلى الله عليه وآله: ’التوبة حسنة لكنها في الشباب أحسن’

من نحن

موقع ديني ثقافي وفكري يعنى بقضايا المرأة والاسرة والمجتمع

تواصل معنا

يسرّنا تواصلكم معنا عبر الايميل alzaakiyaa@gmail.com