عش حياة ضرورية ومرفّهة

عش حياة ضرورية ومرفّهة

ثلاثة أنواع للحياة:

المال هو عصب الحياة على الأرض وأساس استعمارها. والشريعة الإسلامية لها قواعد لا بد من أنّ تحكم نظم النشاط الاقتصادي وتسعى إلى تطبيقها، بما يتفق مع ظروف الزمان والمكان. ويستهدف هذا النشاط الاقتصادي إشباع حاجات الإنسان الأصلية المادية والروحية بأفضل شكل ممكن، وتحقيق رُقي الإنسان في كافة ميادين الحياة مع المحافظة على كرامته، وذلك في إطار من القيم والأخلاق الإسلامية، والسلوكيات الحسنة، لكي تتفاعل هذه الحاجات مع بعضها البعض، فتولد توازناً دائماً بين الفرد والمجتمع من حيث مصالح كل منهما.

ومن ضمن الأهداف لهذا النظام، هو تنظيم المعاملات بشكل يستطيع أفراد المجتمع الوصول معها إلى مستوى معيشي كريم، من خلال التوظيف الكامل للموارد البشرية والطبيعية، والعدالة في توزيع الدخل والثروات؛ بما يحقق للفرد الحياة الكريمة بشرط الإتباع الحقيقي للنظام وتطبيق القواعد الإسلاميّة.

وهناك ثلاثة أنواع للحياة: الحياة الضرورية، الحياة المرفّهة، والحياة المترَفة، حسب نظام النشاط الاقتصادي الإسلامي.

النوع الأول :الحياة الضرورية: تعطي للإنسان كلّ الحق في الانتفاع بما هو موجود على هذه الكرة الأرضية من طعام أو لباس أو سكن بدون أن يكون مسرفاً أو مقتراً، وإذا ما سعى الفرد حثيثاً لتأمين هذه المسائل له ولأفراد عائلته، مَنَّ الله عليه بالثواب والأجر الجزيل. " الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله ".

وأمّا المقصر في هذا السعي من أجل أسرته، فلا يعدّ إلاّ مخطئاً وعاصياً لما جاء في شرعة الله الحقّة، فالذي يتمكن من العمل والكدّ على عياله، ولا يفعل ذلك يعتبر مضراً بحق الناس، وإنّ أصل هذا الإضرار حرام. ومن لم يستطع ذلك لعلَّةٍ فيه أو مرض، وجب على الدولة الإسلامية الالتزام بتهيئة الطعام واللباس والمسكن وباقي المسائل الضرورية لهذه الأسرة.

هذا بالإضافة إلى مشاركة الجميع في هذا الأمر الخيري. وبصدد هذه القضيّة قال تعالى في محكم كتابه الكريم: ﴿لينفق ذو سعة من سعته، ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله، لا يكلف الله نفساً إلاَّ ما آتاها﴾(الطلاق/7).

إنّ ضرورة توفر متطلبات الحياة وضرورة توفّرها لجميع البشر، هي من منظار إسلامي تعتبر أمراً واجباً ولازماً، ولا معنى لعبادة ذلك الذي يتعبّد ويُذهب بحياته الضرورية أدراج الرياح.

النوع الثاني هو الحياة المرفّهة:  لقد عدّ الإسلام العظيم الحياة المرفّهة حياةً محمودة، بل حتى القرآن الكريم حبّبها إلى الناس: ﴿قُل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق﴾ (الأعراف/32).

إنّ هذه الآية المباركة تخبرنا بأنّ الحياة المرفّهة ينبغي أن تكون من نصيب جميع أفراد البشر، وأنّ الإسلام أجاز للرجل ذلك إن استطاع أن يرفّه عن نفسه وعن باقي أفراد أسرته.

إنّ كل ما خلق الله تعالى في هذه الدنيا هو من أجلكم، فلماذا تحرّمون على أنفسكم استطعام الغذاء اللذيذ؟ أو تمنعون أبناءكم من الزواج؟ أو التمتع باللذات التي أباحها الله تعالى لهم؟ هناك أناس يحملون في أذهانهم أفكاراً منحرفة تقول بالتنكر لهذه الحياة المرفّهة مثل الامتناع عن تناول الطعام اللذيذ وما إلى ذلك.

الجميع يجب أن يحيوا حياةً مرفهةً، ومن حرم نفسه من ذلك فقد عصى ربّه، بل لم يمارس إلاّ عملاً خاطئاً غير صائب، على حدّ قول القرآن المجيد: (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده)، وكذا بالنسبة للرسول الأكرم "ص" والأئمة الأطهار عليهم السلام. فهم كانوا قد أوصوا بضرورة التمتع بحياة طيبةٍ سعيدةٍ ومرفهة، وتنكّروا لأولئك الذين يضيرون بحياتهم، ويتلاعبون بمقدرات عوائلهم وأقربائهم وأصحابهم.

أما النوع الأخير الحياة المترفة: وهي إحدى أنواع الحياة التي يرفضها قانون الإسلام ويذمّها بشدة، ويعتبر الممارس لها فاسقاً، وهي الحياة التي تجعل الإنسان يتغير في جميع مفاصل مسيرته، أي المقيّدة للإنسان بشكل ممجوج. والترف هنا يعني البطر؛ فقد نرى رجلاً متزوِّجاً ولا حاجة له بزوجة أخرى، لكنه يجري وراء النساء بطراً، وتشبهاً، وترفاً، وقد تفعل إحدى النساء ذلك، حيث تحاول أن تطلب الطلاق من زوجها الذي وفّر لها كل شيء، لتتزوج رجلاً متشبهاً بالغرب، أو يعرف كيف يلبس لباس الأجانب بطراً وترفاً وتشبهاً في بعض الأحيان، وهذا لا يجرّ على مثل هذه المجتمعات المترفة، والبطِرة غير الهلاك والتدمير. قال تعالى في محكم كتابه: ﴿وإذا أردنا أن نهلك قريةّ أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحقَّ عليها القول فدمَّرناها تدميراً﴾(الإسراء/16).

لذا ينبغي على الانسان أن لا يكون بطِراً؛ إنّ هذا الشيء مرفوض، ولا يمكن أن يعمل به المسلم العاقل الرزِن. والإقتصاد الإسلامي إقتصاد ناضج وناجح، هذا إذا طبق بالشكل الصحيح الوارد في القرآن والروايات المسندة، فالحياة الضرورية والحياة المرفّهة مكسبٌ لكل إنسان مؤمن، ولكن حينما يُنسى القانون ويرفع من البين الاجتماعي، يصبح الإقتصاد الإسلامي غير فاعل في المجتمع.

المصدر:*يراجع كتاب الشيخ مظاهري، الأخلاق البيتية.

 

يا فاطمة، أما ترضيني أن تكوني سيدة نساء المؤمنين،أو سيدة نساء هذه الأمّة’(الرسول الأكرم)
يقول تعالى: ﴿... وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾
الإمام الباقر عليه السَّلام: ’ لكل شيء ربيع، و ربيع القرآن شهر رمضان ’.
عن النبي صلى الله عليه وآله: ’التوبة حسنة لكنها في الشباب أحسن’

من نحن

موقع ديني ثقافي وفكري يعنى بقضايا المرأة والاسرة والمجتمع

تواصل معنا

يسرّنا تواصلكم معنا عبر الايميل alzaakiyaa@gmail.com