اللين

اللين

اللين وهو مطلوب حتى في علاقاتنا مع أعدائنا إلاّ أن يكونوا أعداء الله،

إن أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها الإنسان في علاقاته مع الآخرين هو اللين وهو مطلوب حتى في علاقاتنا مع أعدائنا إلاّ أن يكونوا أعداء الله، فهؤلاء الكفار مستثنون من ذلك حيث يقول تعالى {وليجدوا فيكم غلظة}. يجب على الإنسان أن يتخذ اللين شعاراً في تعامله مع الجميع: مع السجناء في سجونهم، والمحكومين بالإعدام حتى تنفيذ الحكم بهم (إلاّ أن يكونوا أعداء لله)، وحتى مع كل المذنبين الذي سيعاقبون على أفعالهم.

الحدود الإلهية يجب أن تبقى محفوظة إلاّ أن اللين والعطف ينبغي أن لا يصل إلى المستوى الذي يخرج فيه المرء عن الحدود الإلهية، فالحد الإلهي يجب أن يبقى محفوظا. السارق يجب أن يلقى جزاءه، والقاتل والظالم كذلك. كل يلقى جزاءه بحسب ما تقضى الشريعة الغراء. أحكام الله يجب أن تراعى وتنفذ. ومع ذلك كله يبقى اللين مطلوباً، نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر حسبما يأمر الإسلام ونكون لينين بالشكل المناسب.

من المهم جداً أن نميز بين هذه الأمور جميعاً.

عدم الخشونة حتى مع الحيوانات لقد نهى الإسلام عن الشدة والغلظة والقساوة حتى مع الحيوانات. يروى أنه كان لأبي حمزة الثمالي ــ راوي الدعاء المعروف بأبي حمزة، وهو كان من أصحاب الإمام السجاد (ع) ــ حفيد لديه سرب من الحمام. وكثيراً ما كان يزعج هذا السرب أبا حمزة. حتى قام ذات يوم بذبحه كله.

وقد سافر أبو حمزة بعد ذلك إلى المدينة لزيارة الإمام السجّاد (ع). يقول أبو حمزة: "عندما وصلت ودخلت منزله الشريف وجدت فيه عدداً كبيراً من الحمام. فتذكرت حفيدي وندمت على ما فعلت، كنت أتصور أن تربية الحمام عمل قبيح، ولو كانت كذلك لما وجدت هذا العدد منها في بيت الإمام (ع). دخلت على الإمام وعرضت عليه عدداً من المسائل، فبدأ يجيبني وأنا أكتب. ولكن قلبي وفكري كان منشغلاً بتلك الطيور التي ذبحتها دون رحمة وعطف، فسألني الإمام عن سبب شرودي، فأخبرته ما حدث. عند ذلك تغيّر لون وجه الإمام ونهاني عما فعلت".

وكأن الإمام كان يطلب منه بذلك أن ينصرف من محضره الشريف. وقد وجدت في رواية أن أحد الأئمة (ع) قتل عن غير عمد (ومن الممكن أنها كانت على بدنه وأزعجته فقتلها) فدفع حصاناً كفارة لما فعل: وهذا هو اللين في الإسلام! طبيعة الإنسان طبعاً ليس معنى اللين أن نترك مواجهة الفاسقين والمنحرفين بل من الواجب مواجهتهم.

فالبشر نوعان: السيئ الخلق والليّن. أصحاب الخلق السيئ يتعاملون مع الناس بغلظة وقساوة، وإن ألقيت عليهم تحية يجيبونك بغضب، فالغلظة والقساوة تكون من طباعه تماماً كمحمد رضا شاه. لقد كان قاسياً قبل الوصول إلى الحكم وبعده، هو كان دائماً على نفس الحال. الإنسان الغليظ السيئ الخلق إذا صار ملكاً سيكون كرضا شاه، وإذا صار ضابطاً سيكون كذلك الضابط الذي كنا نراه في السجن سنة 1349ه‍ــ ش [1970م].

كانت السلطات حينها قد أتت بمجموعة من الشباب إلى السجن وكنا معهم إضافة إلى عدد من الضباط الذين خالفوا القوانين العسكرية. وفي وقت الاستراحة قال لي أحد مسؤولي السجن، وقد كان يصاحبني ويحبني كثيراً أنه لو أمرني السافاك بقتل هؤلاء الشباب (وكان يقصد بعض الشيوعيين في السجن) لقطعت رقابهم جميعاً فهم أعداء الشاه والدولة، وكل من يكون كذلك يجب أن يقتل. لا أدري ما كان شعوري عند ذلك، ولكني سألته إنه إذا أمروك بقتلي (لأنني مخالف للشاه والدولة) فهل تقتلني، فقال عندها: "أقسم بجدك أنني سأقتلك...".

نعم هذا الشخص كانت خصاله هكذا. هذا السيئ الخلق كان يحبني وفي نفس الوقت يقسم بجدي انه يقتلني. فسيئ الخلق سيئ، فقيراً كان أو غنياً، رئيساً كان أو ضابطاً أو بائعاً. ففي مدرسة الحجتية في قم كان يوجد خادم سيئ الخلق. لم يكن هذا الخادم قوياً ولا غنياً ولكنه على العكس من ذلك ضعيفاً، فقيراً، وسيئ الخلق في نفس الوقت. لقد كانت قساوته تنال الجميع.

إن الإسلام لا يحب هكذا الأشخاص، بل يحب الذين يدارون الناس ويكنّون لهم الحب ويعاملونهم بلين وعطف. الإنسان ليس مضطراً أن يبتسم في وجوه الجميع في علاقاته ومعاملاته، ولكن يجب أن يداريهم على الأقل. نحن ننام في مكان واحد، ونأكل من طعام واحد، وقد نسافر معاً، ونلعب معاً، ولكن يبقى البعضُ أصحابَ خُلقٍ سيئ والبعض الآخر ليّنون.

المواعظ الحسنة – الامام الخامنئي

يا فاطمة، أما ترضيني أن تكوني سيدة نساء المؤمنين،أو سيدة نساء هذه الأمّة’(الرسول الأكرم)
يقول تعالى: ﴿... وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾
الإمام الباقر عليه السَّلام: ’ لكل شيء ربيع، و ربيع القرآن شهر رمضان ’.
عن النبي صلى الله عليه وآله: ’التوبة حسنة لكنها في الشباب أحسن’

من نحن

موقع ديني ثقافي وفكري يعنى بقضايا المرأة والاسرة والمجتمع

تواصل معنا

يسرّنا تواصلكم معنا عبر الايميل alzaakiyaa@gmail.com