محبّة الله

محبّة الله

السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هنا هو: أنّى لنا أن نوطّد علاقة مع الله مع كلّ ما يُحيط بنا من مشاكل الدنيا، والصراعات، والتهالك على المال والجاه والمناصب؟ فكلّنا يرغب في أن يصيب شيئاً من هذه المراتب، فماذا نصنع من أجل أن يحلّ حبّ الله في قلوبنا، فننسى كلّ ما سواه، وتكون كلّ أفعالنا في سبيله تعالى؟

إنّ من المواضيع التي يتمّ بحثها مراراً وبالتفصيل هو القرب من الله عزّ وجلّ والسبيل إلى نيله. وقد استنتجنا، بالإفادة من الآيات والروايات، وعبر اللجوء إلى البحوث العقليّة، أنّ السبيل الوحيدة لبلوغ هذا الهدف هي عبادة الله. كما أنّنا قد تحدّثنا حول مفهوم العبادة وأقسامها ومراتبها وكيفيّة تجلّيها في حياة الإنسان. وكنّا قد ذكرنا أنّ الطريق إلى قرب الله يكمن في حركتنا الاختياريّة ونشاطنا الإراديّ. فموهبة كهذه لا تُعطى لأحد بالقوّة، ولا إجباراً، ولا إكراهاً، بل إنّ على المرء أن يطلبها، ويسعى إليها، ويمهّد لها كي يفيضها الله تعالى عليه. وقد قلنا فيما يتّصل بكيفيّة اختيار الطريق الموصل إلى قرب الله وسلوكه بأنّ كلّ حركة إراديّة إنّما تنشأ من مبدأين: هما المعرفة والإرادة، وهما قضيّتان متغايرتان وقابلتان للانفكاك عن بعضهما؛ فبعض الناس يعلم ما الذي ينبغي صنعه، لكنّه لا يفعل شيئاً، وبعض الأشخاص يرغبون في فعل شيء، لكنّهم لا يعلمون ما الذي يتعيّن فعله. وقد تناولنا من أجل ذلك بحوثاً حول أنماط المعرفة، والدوافع اللازمة لتكامل الإنسان، والسبيل إلى تقويتها.


مراتب محبّة الله
إنّ أقوى الحوافز التي من شأنها أنّ تدفع الإنسان ليخطو باتّجاه التقرّب إلى الله هي محبّة الله عزّ وجلّ؛ فكلّما اشتدّت محبّة الإنسان لربّه زادت رغبته في التقرّب إليه.
وهنا يكمن سؤال: ماذا نصنع لنحظى بهذه المحبّة؟ فالمحبّة هي من القيم السامية التي لا يسهل نيلها، وإنّ طي طريقها يحتاج إلى السعي والمثابرة. بالطبع إنّ لجميع المؤمنين مرتبة من مراتب محبّة الله سبحانه وتعالى. يقول القرآن الكريم: ﴿وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً للهِ﴾[1]. كما ويبيّن الله تعالى في آية اُخرى الحدّ الأدنى من هذه المحبّة بقوله: ﴿قُلْ إِن كَانَ ءَابَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَـٰرَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِى سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّىٰ يَأْتِىَ اللهُ بِأَمْرِهِ﴾[2]؛ أي إن كان حبّه لهذه الاُمور يفوق حبّه لربّه، ويشكّل مانعاً له من طاعته عزّ وجلّ فإنّه سيكون عرضة لخطر جسيم. فلا يجوز أن يكون حبّ الإنسان لأيّ شيء أكثر من حبّه لله. وهذه هي إحدى مراتب المحبّة اللازمة لتحقّق الإيمان، ولكنّها ليست كلّ شيء. فإنّها لنعمة عظيمة أن يحبّ الإنسان الله حقّاً ويكون مستعدّاً لبذل نفسه في سبيله وسبيل الإسلام، لكنّ هذا هو الحدّ الأدنى للقضيّة، فأيّ هبوط دون هذا الحدّ يُعدّ خطَراً يحذّر الله عزّ وجلّ منه.


إنّ لله جلّ وعلا عباداً تفوق محبّتهم له مستوى عقولنا. إذ يروى أنّ نبيّ الله شعيباً (على نبيّنا وآله وعليه السلام) بكى لسنوات طويلة حتّى فقد بصره، فأعاد الله له بصره، فعاد إلى البكاء لأعوام حتّى عمي ثانية، فردّ الله له بصره مرّة اُخرى، فعاود البكاء لسنين، فأوحى الله تعالى إليه: «يا شعيب! إن كان هذا البكاء لأجل الجنّة فقد أبحتُها لك، وإن كان من أجل النار فقد حرّمتها عليك» فماذا تطلب بعد ذلك إذن؟ «فقال:» إلهي! أنت تعلم أنّ بكائي ليس خوفاً من جهنّم ولا شوقاً إلى الجنّة «لا بل شوقاً إليك»، فإنّني اُحبّك وأطلب لقاءك. «فقال الله تعالى: لأجل هذا أخدَمتُك نبيّي وكليمي موسى عشر سنين»[3]. فقصّة فرار موسى (عليه السلام) من «مَديَن» ولقائه ببنات شعيب كانت مقدّمة من أجل أن يرعى موسى لشعيب (عليهما السلام) أغنامه لثمان أو عشر سنين.
لكن ما هي حقيقة هذه المسائل؟ وماذا يعني البكاء لمحبّة الله بالضبط؟ بل البكاء إلى درجة أن يعمى الإنسان ثمّ يُعاد إليه بصره حتّى يُفعل به ذلك عدّة مرّات! إنّها لمن المسائل التي لا يسعنا إدراكها جيّداً.
لقد جاء في الخبر بخصوص مراتب معرفة ومحبّة نبيّ الله إبراهيم (عليه السلام) أنّه عندما ترك (عليه السلام) قوم النمرود متوجّهاً نحو الأرض التي كتبها الله له كان يصطحب معه قطيعاً ضخماً من الأغنام[4]. فنادى جبرئيل في دجى الليل بأمر من الله عزّ وجلّ: «سُبّوح قُدّوس» فإذا بجذبة تصيب إبراهيم عند سماعه النداء فيقول: يا مَن ذكرتَ اسم محبوبي! أعِدْه ثانية ولك نصف غنمي[5]. لا أدري إن حصل لكم ذات مرّة أن تستيقضوا من رقادكم في منتصف الليل على صوت تلاوة قرآن، أو أذان، أو مناجاة فتنتابكم حالة من البهجة والسرور؟! أعاد جبرئيل النداء: «سُبّوح قُدّوس» فالتهب شوق إبراهيم (عليه السلام) وقال: لك باقي غنمي أيضاً، أعدها مرّة اُخرى!
أيُّ حالة هذه التي ألـمّت بقلب إبراهيم لدى سماع اسم محبوبه؟ فكيف يكون الحبّ يا ترى، وإلى أيّ درجة يمكن أن يبلغ حتّى يكون إبراهيم (عليه السلام) حاضراً لِيَهَب كلّ ما يملك من أجل سماع اسم محبوبه؟! علينا أن نعلم إجمالاً أنّ المسافة بين محبّتنا ومحبّة نبيّ الله إبراهيم (عليه السلام) هي كالمسافة ما بين السماء والأرض؛ فنحن نحبّ الله، وعليّ (عليه السلام) أيضاً كان يحبّ الله، لكن شتّان بين محبّتنا ومحبّة أمير المؤمنين وإبراهيم (عليهما السلام). ولابدّ أن نصدّق أنّه من الممكن أن ينال المرء مثل هذه الدرجات من محبّة الله، وأنّ الكمال الحقيقيّ للإنسان وقيمته الإنسانيّة هما في أن يكون له مثل هذه العلاقة مع الله جلّ وعلا.
فإذا كانت لهذه الامور حقيقة، وأنّ الأنبياء قد جاءوا ليسلكوا بنا السبيل الذي سلكوه ويوصلونا إلى المقام الذي وصلوه، فعلينا نحن أيضاً أن نطلب هذه الاُمور. ولا أدّعي بالطبع أنّ من الضروريّ أن نصير مثلهم؛ فنحن أضأل وأقلّ بكثير من أن نستطيع نيل أدنى مراتب الحبّ بصدق، وإذا ما أصبنا تلك المرتبة من دون أن نصبح محطّ سخط الباري عزّ وجلّ، فينبغي أن نطير من الفرح، لكنّه ثمّة من بين عباد الله، ممّن يمتلكون الهمم العالية والقلوب الطاهرة، قد آمنوا بمسير الأنيباء (عليهم السلام)، وعلموا بأنّ الكمال هو هذا تحديداً، وأنّه لابدّ من الحذو حذوهم وسلوك مسلكهم. ويتحتّم القول هنا بأنّ السير في هذا الطريق لا يتنافى بتاتاً مع أداء الواجبات الاجتماعيّة والسياسيّة، وإنّ ما قام به إبراهيم (عليه السلام) من تحطيم الأصنام وما تعرّض له من الإلقاء في النار كان في هذا الطريق أيضاً. فالعبوديّة لله عزّ وجلّ وحبّه تسري إلى كلّ شيء، وتظهر تجلّياتها في كلّ موضع؛ «حبّ الله إذا أضاء على سِرّ عبد أخلاه عن كلّ شاغل وكلّ ذكر سوى الله»[6].
مراتب الإيمان والعلاقة مع الله


لكنّ السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هنا هو: أنّى لنا أن نوطّد علاقة مع الله مع كلّ ما يُحيط بنا من مشاكل الدنيا، والصراعات، والتهالك على المال والجاه والمناصب؟ فكلّنا يرغب في أن يصيب شيئاً من هذه المراتب، فماذا نصنع من أجل أن يحلّ حبّ الله في قلوبنا، فننسى كلّ ما سواه، وتكون كلّ أفعالنا في سبيله تعالى؟ وقد قلنا مراراً، بأنّ للقيم الإلهيّة، المذكورة في القرآن والسنّة، والتي تؤيّدها الأدلّة العقليّة أيضاً، مراتب عدّة. فإنّ للإيمان درجات، وإنّ قلوبنا لتهفوا إلى بلوغ تلك الدرجات والتشبّه بأولياء الله بمقدار ما نتمتّع به من إيمان بهذه الحقائق. والأمثلة التي ذكرناها تشير إلى أنّ للمحبّة درجات كثيرة؛ فإحدى درجاتها هي أن نستطيع نحن على الأقلّ ادّعاءها. والدرجة الاُخرى هي محبّة إبراهيم (عليه السلام) وإنّ بين هذا المبدأ وذاك المنتهى مراتب كثيرة لا يمكن إحصاؤها بدقّة. فإذا ادّعى أحدهم أنّه مادام كلّ امتداد قابلاً للقسمة إلى ما لانهاية فإنّه يمكن أن تصل هذه المراتب إلى ما لانهاية، فإنّه لم يُلقِ قوله على عواهنه. فالسير من هذا المبدأ إلى ذاك المنتهى، والذي نعلم إجمالاً أنّه ممكن وإنّ لم نعلمه تفصيلاً، يتطلّب سيراً تدريجيّاً وطويلاً، وليست القضيّة أنّ الإنسان يُحقن بمادّة وإذا به قد وصل فجأة إلى ما وصل إليه إبراهيم (عليه السلام). فلابدّ من المكابدة، ومعرفة الطريق، والكدح، والهمّة لطيّ مراحل من هذا الكمال. فما الذي نصنع من أجل أن نمضي في هذا السبيل ونزيد من حبّنا لله ولأوليائه؟


محبّة أولياء الله شعاع من محبّة الله
إنّ محبّة أولياء الله هي شعاع من محبّة الله عزّ وجلّ؛ فنحن نحبّ الإمام الحسين (عليه السلام) لكونه عبد الله وحبيبه. يروى أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) سلّم عليه [في الطريق] غلامٌ دون البلوغ وبشّ له وتبسّم فرحاً بالنبيّ (صلّى الله عليه وآله) فقال له: «أتحبّني يا فتىٰ؟ فقال: إي والله يا رسول الله. فقال له: مثل عينيك؟ فقال: أكثر. فقال: مثل أبيك؟ فقال: أكثر. فقال: مثل أمّك؟ فقال: أكثر. فقال: مثل نفسك؟ فقال: أكثر والله يا رسول الله. فقال: أمثل ربّك؟ فقال: الله الله الله يا رسول الله، ليس هذا لك ولا لأحد فإنّما أحببتك لحبّ الله»[7]. تخيّلوا البيئة الثقافيّة التي كانت سائدة في ذلك العصر! وكيف تمكّن النبيّ (صلّى الله عليه وآله) من تربية الناس يا ترى كي يتحدّث حَدَثٌ لم يبلغ العاشرة أو الثانية عشرة من عمره بهذا المنطق؟! فحبّ الإمام الحسين (عليه السلام) وكلّ ما قدّمه الناس له من تضحيات هو لأجل أنّه حبيب الله وعبده الصالح.
فمن أجل أن نسلك طريق محبّة الله سبحانه وتعالى يتحتّم علينا أن نمتلك المعرفة وأن نعلم ما الذي علينا صنعه كي نضاعف من حبّنا لله. بالطبع نحن نعلم إجمالاً بأنّ جميع الكمالات هي بيده عزّ وجلّ، وأنّه هو من ينبغي أن يفيضها علينا، ولكن نحن بدورنا علينا أيضاً أن نهيّئ في أنفسنا الأرضيّة والأهليّة لذلك.
المعرفة أوّلاً، أم المحبّة؟
أحياناً يُطرح السؤال التالي: هل المعرفة هي مقدّمة للمحبّة، أم العكس هو الصحيح؟ بتعبير أبسط: عندما نقول إنّه ينبغي لنا أن ننمّي محبّتنا لله فهذا يعني أنّه حتّى وإن كنّا نشعر بقليل من المحبّة، فإنّنا نرغب في زيادتها، ومن أجل زيادة المحبّة لابدّ أن نسعى وراء المعرفة. وبناءً على ذلك فالمحبّة مقدّمة على المعرفة. لكنّ الإنسان – من ناحية اُخرى – لا يحبّ شيئاً إذا لم يعرفه، وإذن فلابدّ من معرفةٍ لحصول هذه المحبّة ابتداءً. إذن يتبادر إلى الذهن هنا سؤال: هل المعرفة هي مقدّمة، أم المحبّة؟
ولا بأس أن نطرح السؤال بشكل أشمل: فنحن جميعاً نعلم أنّ هناك عاملَين مؤثّرين في أفعال الإنسان الإراديّة هما: المعرفة والإرادة. لكن هل ينبغي حصول المعرفة أوّلاً كي تنبثق الإرادة، أم لابدّ من وجود الإرادة ابتداءً كي تحصل المعرفة؟ والجواب هو أنّ العلاقة بين هذه المسائل هي علاقة متماسكة ومتصاعدة؛ فالله سبحانه وتعالى يعطي الإنسان مرتبة من مراتبها مجّاناً. فإن أفاد الإنسان منها على النحو الصحيح، ترتّبت عليها نتائج، وإذا ما أحسن استغلال هذه النتائج أيضاً، فإنّه يصار إلى تدعيم الطرف الآخر من القضيّة، وهكذا. وهذه العلاقة تلاحَظ في الطبيعيّات أيضاً؛ فلابدّ لأوراق الشجرة – على سبيل المثال – أن تستعمل الهواء، والضوء، والحرارة كي تبقى الشجرة على قيد الحياة. فأوراق الشجرة، لاسيّما في وقت المطر، تمتصّ الرطوبة لتنقلها إلى الساق التي تنقلها بدورها إلى الجذور، لتحصل هناك عمليّة صنع الغذاء النباتيّ. ثمّ ينتقل هذا الغذاء من الجذور عبر الساق إلى الأغصان والأوراق لتنمو، فتُزهر الشجرة، وتعطي الثمر. فلولا نزول المطر لجفّت الشجرة ولم تعد الجذور تؤدّي وظيفتها ولجفّت شيئاً فشيئاً. فالمطر وضوء الشمس والهواء يصلون إلى الورقة من الأعلى ثمّ ينتقلون إلى الجذور، ثمّ تعود المواد الغذائيّة لتنتقل من الجذور إلى الأوراق ثانية. وتتكرّر هذه العمليّة مرّة اُخرى. وهذه العلاقة المتأرجحة تتحقّق غالباً فيما يتّصل بالكمالات والقيم الإنسانيّة أيضاً؛ أي إنّ إحداها تكون مقدّمة للاُخرى، فإذا توفّرت هذه تهيّأت الأرضيّة أكثر لنموّ الاولى. وإنّ علاقة الإيمان بالعمل هي نموذج آخر على ذلك؛ فالإنسان يؤمن أوّلاً ثمّ يعمل بمقتضى هذا الإيمان. فإن أنجز المرء عملاً، قَوِي إيمانه، وإنّ قوّة الإيمان ستدفعه إلى الإتيان بعمل أكثر وأفضل. وكلّما استمرّت هذه العلاقة زمناً أطول، فإنّها ستقود إلى مزيد من التكامل والنضج وبلوغ المرء كمالات أكثر. وقد تتحقّق هذه العلاقة تارةً بشكل واضح ومن دون واسطة، لكنّها لا تحصل تارةً اُخرى إلاّ بواسطة وحلقة خفيّة نوعاً ما.
المعرفة؛ شرط ضروريّ


على أيّة حال، فلابدّ لنا من معرفة السبيل إلى استكمال محبّتنا. وعلى هذا فإذا قلنا إنّه يتعيّن علينا تقوية معرفتنا من أجل مواصلة طريق التكامل، والتقرّب، والعبوديّة، والمحبّة، واكتساب جميع القيم الإلهيّة السامية، فإنّنا لم نتكلّم جزافاً. لكن لابدّ من الالتفات إلى أنّ العلم والمعرفة ليسا هما العلّة التامّة. فالمعرفة تهيّئ البيئة للنموّ والتكامل، بشرط أن يضيف إليها الإنسان الهمّة والإرادة ومن ثمّ الطلب، وإلاّ فقد تؤدّي مفعولاً عكسيّاً؛ كما هو الحال في النبات؛ فنفس ذلك الماء الذي يبعث الحياة في النبات فإنّه لا يقود - عند غياب العوامل الاُخرى - إلى عدم نموّ الشجرة فحسب، بل وإلى اندراس جذورها وتفسّخها أيضاً. لكنّ المرء، على أيّة حال، إذا رغب في سلوك سبيل الله وبلوغ ما يرضاه بارئه من الكمالات، فإنّ اكتساب المعرفة والازدياد في العلم يُعدّ شرطاً لازماً لذلك.
نسأل الله جلّ وعلا، ببركة سيّد الشهداء (صلوات الله عليه) وأصحابه المضحّين في سبيله، وكلّ من يعمُر حبُّ الحسين قلبَه، ويسير في مثل هذه الأيّام وغيرها من الأيّام على طريق محبّة الإمام الحسين، أن يتفضّل علينا بتنمية معرفتنا ومحبّتنا، ويعيننا على مواصلة الطريق التي نحظى فيها برضا ربّنا وبالزيادة في كمالنا.
 
 

 
 

_______________________________________

* الموقع الرسمي لآية الله الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي 
[1]. سورة البقرة، الآية 165.
[2]. سورة التوبة، الآية 24.
[3]. إرشاد القلوب، ج1، ص171. بالطبع هذا النمط من الوحي ينطوي على بُعدٍ تربويّ، وهو أن يسمع الناس القصّة فيستوحوا منها الدروس ويدركوا بها الحقائق، وإلا فعلّة بكاء شعيب (عليه السلام) لم تكن لتخفى على الله، وهو عزّ وجلّ أعلم من غيره بسبب بكائه.
[4].  عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ما بعث الله نبيّاً قطّ حتّى يسترعيه الغنم يعلّمه بذلك رعيّة الناس» (علل الشرائع، ج1، ص32)؛ أي ما بعث الله نبيّاً إلاّ ويأمره برعي الأغنام كي يكون حسن السلوك مع الرعيّة ولا يتوقّع منهم الكثير ويتحمّل جهلهم وغفلتهم.
[5]. تفسير الصافي، ج1، ص505.
[6]. مصباح الشريعة، باب 92، ص192.
[7]. إرشاد القلوب، ج1، ص161.

يا فاطمة، أما ترضيني أن تكوني سيدة نساء المؤمنين،أو سيدة نساء هذه الأمّة’(الرسول الأكرم)
يقول تعالى: ﴿... وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾
الإمام الباقر عليه السَّلام: ’ لكل شيء ربيع، و ربيع القرآن شهر رمضان ’.
عن النبي صلى الله عليه وآله: ’التوبة حسنة لكنها في الشباب أحسن’

من نحن

موقع ديني ثقافي وفكري يعنى بقضايا المرأة والاسرة والمجتمع

تواصل معنا

يسرّنا تواصلكم معنا عبر الايميل alzaakiyaa@gmail.com