الشفاعة

الشفاعة

الشفاعة ـ في الحقيقة ـ قسم من الدعاء والرجاء، ليس لأحد على الله قبول شفاعته، وإنما ذلك من ألطافه ومننه، ولا شفاعة إلا بإذنه ورضاه، والأخبار فيها متواترة.

الشفاعة ـ في الحقيقة ـ قسم من الدعاء والرجاء، ليس من خواص الأنبياء والأوصياء، وليس لأحد على الله قبول شفاعته، وإنما ذلك من ألطافه ومننه، ولا شفاعة إلا بإذنه ورضاه، والأخبار فيها متواترة.
روى محمد بن عمرو بن العاص، عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: من سأل الله لي الوسيلة، حلّت عليه الشفاعة، رواه مسلم(1) .
وعن جابر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((من سمع الأذان ودعا بكذا، حلت له شفاعتي يوم القيامة))، رواه البخاري(2) .
وعن عبدالله بن عباس، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ما من رجل مسلم يموت، فيقوم على جنازته أربعون رجلاً، لا يشركون بالله شيئاً، إلا شفعهم الله فيه، رواه مسلم(3) .
وعن عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ما من ميت تصلي عليه أمة من الناس يبلغون مائة، كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه، رواه مسلم(4) .
وعن جابر، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: أعطيت خمساً… (وعدّ منها الشفاعة)(5) .
وعن إبن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أنا أول شافع وأول مشفع في القيامة ولا فخر(6) .
وعن جابر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أنا أول شافع وأول مشفع. ونحوه عن أنس(7) ، وأبي بن كعب(8) .


وعن جبير بن مطعم، عن عثمان بن عفان، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: يشفع يوم القيامة ثلاثون (وعد منهم الأنبياء).
وعن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن الشفاعة على مراتب الناس في القابلية9 .
وعن عبدالله بن مالك عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه أتاني آتٍ من ربي، فخيّرني بين أن يدخل نصف أمتي الجنة وبين الشفاعة، فأخترت الشفاعة.
وعن عبدالله بن أبي الجذعاء، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أنه والدارمي يدخل الجنة بشفاعة رجل(10) من أمتي أكثر من بني تميم، رواه الترمذي والدارمي11
وعن أنس قال: سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يشفع لي يوم القيامة، فقال: أنا فاعل، قلت: فأين أطلبك، قال: أولاً على الصراط، قلت: فأن لم ألقك؟ قال: عند الميزان، قلت: فأن لم ألقك، قال: عند الحوض، فأني لا أخطيء هذه المواضع، رواه الترمذي12
وعن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إن الله يقول بعد فراغ الشافعين من الشفاعة: شفّعت الملائكة، وشفع النبيون، وشفع المؤمنون، ولم يبق إلا أرحم الراحمين(13
وعن أنس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه يحبس المؤمنون يوم القيامة، فيقولون لو استشفعنا، فيأتون (آدم)، فيعتذر بخطيئته، ثم (إبراهيم) فيعتذر بثلاث كذبات كذبهن، ثم (موسى) فيعتذر بقتل النفس، ثم (عيسى)، فيقول: لست هناك، فيقول الله تعالى بعد أن أسجد له: إشفع تشفع… (الخبر وهو طويل 14
وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن ملكاً غضب عليه، فأهبط من السماء، فجاء إلى إدريس فقال له: إشفع لي عند ربك، فدعا له، فأذن له في الصعود. وفيه دلالة على الشفاعة في الدنيا. وستجيء في باب زيارة القبور أخبار كثيرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((من زارني كنت له شفيعاً)15


وبيان الحال: أن (الشفاعة) إن كانت من قبيل الدعاء، فيرجع طلبها إلى إلتماس الدعاء من الأنبياء والأولياء، فتكون عبارة عن دعاء مخصوص لنجاة الغير، أو قضاء حاجته في أمور الدنيا والآخرة، فلا كلام ولا بحث في جواز طلبها من كل أحد، فهي كما لو سألت إخوانك الدعاء. ويؤيد ذلك انه لما سئل إدريس عليه السلام الشفاعة دعا.
ولا فرق بين الأحياء والأموات، فإناّ سنبين ـ إن شاء الله ـ تواتر الأخبار في أنّ الأموات يسمعون وينطقون، لكن الناس لا يسمعون كلامهم. فالشفاعة بهذا المعنى لا غضاضة في طلبها، إذ لسنا في ذلك بمنزلة من قالوا لا طاقة لنا بعبادة الله، ونحن نعبد الأصنام، وهم يوصلوننا الى الله.
وإن أريد بالشفاعة منصب أعطاه الله لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم وأوليائه، فيدفعون بالإذن العام عن الناس، بمعنى أن الله أذن إذناً عاماً لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم في إنقاذ بعض أهل العذاب من العذاب يوم يقوم الحساب، فبهذا المعنى تكون مخصوصةً في الآخرة.
ولا ريب أن المستشفع بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، والأولياء في دار الدنيا، يريد المعنى الأول.
فليت شعري ما الذي ينكر من طلب الشفاعة، أمن جهة خطاب الموتى فلذلك لا يوجب كفراً ولا إشراكاً، لو كان خطأ، فكيف لو كان صواباً، أو من جهة إسناد الأمر إلى غير الله سبحانه، وهذا أعجب من السابق، فإنّ الداعي والساعي في حاجة أحد إلى مولاه لا يرتفع عن درجة العبودية، ولاسيما إذا لم يحدث شيئاً إلا عن إذنه.
(ومن البديهية(16 أنّ العبيد والخدام القائمين بشرائط العبودية والخدمة مع الإذن يشفعون عند مواليهم في قضاء حوائج الناس، ولا يخرجهم ذلك عن العبودية والخدمة، بل هذا نوع من العبودية.
وفي أحاديث الشفاعة ما يدل على عموم الشفاعة في دفع المضار الدنيوية والأخروية.
وقد نقل عن الصحابة بطرق معتبرة أن الصحابة كانوا يلجأون إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويندبونه في الأستسقاء ورفع الشدائد والأغراض الدنيوية.
روى البيهقي بطريق صحيح عن مالك الدار خازن عمر أنّه أصاب الناس قحط، فذهب رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إستسق لأمّتك فقد هلكوا، فأتاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المنام، فقال له: (قل لعمر: قد سقوا(17 .
وقد روي أنّ من رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في نومه فكأنما رآه في يقظته، لأن الشيطان لا يتمثل به(18) .
وروى البيهقي بطريق صحيح أن رجلاً في أيام عمر جاء إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله سلم، فقال: (يا محمد إستسق لأمتك(19 .
وروى الطبراني وابن المقري أنهم كانوا جياعاً، فجاؤا إلى قبر النبي، فقالوا: (يا رسول الله الجوع، فاشبعو).
والغرض أن ذلك ظاهر بين الصحابة والسلف، لا يتناكرونه أبداً، وحيث كان لا يزيد على سؤال الدعاء، واتضح في البحث الآتي أن الأنبياء والأولياء أحياء، لا يبقى كلام أصلاً.


* من كتاب منهج الرشاد لمن أراد السداد  للشيخ جعفر كاشف الغطاء

(1) صحيح مسلم (كتاب الصلاة)، باب 11؛ أبي داود (كتاب الصلاة)، باب 36؛ سنن الترمذي (كتاب المناقب)، باب 1؛ سنن النسائي (كتاب الأذان)، باب 37؛ مسند أحمد بن حنبل (كتاب الثاني)، الباب 168.
(2) البخاري (كتاب الأذان)، باب 8؛ وصحيح مسلم (كتاب الصلاة)، باب 11؛ وسنن أبي داود (كتاب الصلاة)، باب 36.
(3) صحيح مسلم (كتاب الجنائز)، باب 19 (من صلى عليه أربعون شفعوا فيه)، حديث 59.
(4) صحيح مسلم (كتاب الجنائز)، باب 18، حديث 58.
(5) صحيح مسلم (كتاب المساجد ومواضع الصلاة)، باب 5، حديث 3.
(6) صحيح مسلم (كتاب الفضائل)، (باب ـ 2 ـ، تفضيل نبيّنا صلى الله عليه وآله وسلم ـ على جميع الخلق)، حديث 2278.
(7) صحيح مسلم (كتاب الأيمان)، باب 330.
(8) سنن الدارمي (المقدمة)، الباب 8.
9) سنن ابن ماجه: 2/1443.
10-) في المطبوع: ((بشفاعتي رجال)).
11-) الترمذي: 4/541.
12-الترمذي (باب صفة القيامة): 4/537.
13-الترمذي: 4/541.
14-الترمذي: 4/537.
15-سنن البيهقي: 5/245.
16- في النسخة المطبوعة: ((الأمور البديهيّة)).
17- البيهقي: 3/344.
  18-) صحيح مسلم (كتاب الرؤيا)، باب 1 حديث 11.
19- البيهقي: 3/350.

يا فاطمة، أما ترضيني أن تكوني سيدة نساء المؤمنين،أو سيدة نساء هذه الأمّة’(الرسول الأكرم)
يقول تعالى: ﴿... وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾
الإمام الباقر عليه السَّلام: ’ لكل شيء ربيع، و ربيع القرآن شهر رمضان ’.
عن النبي صلى الله عليه وآله: ’التوبة حسنة لكنها في الشباب أحسن’

من نحن

موقع ديني ثقافي وفكري يعنى بقضايا المرأة والاسرة والمجتمع

تواصل معنا

يسرّنا تواصلكم معنا عبر الايميل alzaakiyaa@gmail.com